كانت الشمس لسنوات عديدة ينظر إليها على أنها العدو العام رقم واحد حيث تتسبب في تلف الجلد والشيخوخة المبكرة وتغير لون الجلد وزيادة مخاطر حدوث سرطان الجلد.
وقبل أن تتوجه إلى الظل عليك أن تأخذ في إعتبارك هذا: "هذه الأشعة المؤذية مطلوبة لإنتاج فيتامين (د) وبعدم تعرضك للشمس فإنك تخاطر بتعرضك لنقص المناعة مما يجعلك عرضة لكل أنواع الأمراض.
ويشير عدد متزايد من الدراسات العلمية الآن إلى أن نقص فيتامين (د) أحد العناصر التي تلعب دورا في مجموعة أمراض تشمل البرد والأنفلونزا ومرض القلب والأزمات القلبية والسكري وإضطرابات جهاز المناعة والإكتئاب وهشاشة العظام وأنواع عديدة من السرطانات. كما أقترح أيضا إنه أحد الأسباب الممكنة لمرض التوحد.
ويقول المعسكر المؤيد لفيتامين (د) إن معدل النقص هو عادة العصر الحديث في تجنب الشمس. ويضاف إلى ذلك عناصر أسلوب المعيشة مثل العيش في المدن الذي يعني إننا نبقى فترة أطول داخل البيوت أكثر من أسلافنا وأن لدينا سكان لا يحصلون ببساطة على قدر كاف من ضوء الشمس لإنتاج فيتامين (د) الذي تحتاجه أجسامهم.
ويعتقد أن 50 في المئة من الأميركيين لا يتمتعون بمستويات كافية من فيتامين (د) وأن العيش في أجواء مشمسة لا تجعلك بالضرورو أقل ميلا إلى هذا النقص.
وقد أوضحت دراسات في أستراليا مثل هذه المستويات من نقص فيتامين (د) وخاصة في أوساط أصحاب البشرة الداكنة وكبار السن، فيما كشفت دراسة حديثة في جامعة هونج كونج أن أكثر من 60 في المئة من سكان هونغ كونغ ليست لديهم مستويات كافية من فيتامين (د) .
وقالت آني كونغ واي تشي التي قادت الدراسة إن جانبا من المشكلة هو المفهوم العام الخاطئ بأن الناس الذين يعيشون في طقس مشمس يستفيدون جميعا من الشمس ومن ثم يحصلون على فيتامين (د) دون أي تعب.
فضلا عن ذلك فإن الناس ذو البشرة السمراء هم أكثر عرضة للخطر لأن مادة الميلانين التي تعطي الجلد لونه تعمل مثل مانع للشمس تمنع الأشعة فوق البنفسجية من تخليق فيتامين (د).
وفي دراسة مستقلة توصلت كونج إلى أن 76 في المئة من متوسطي العمر والنساء المسنات يمضين أقل من ساعة في الشمس خلال فترة أسبوع ويلقين باللوم على أساليب المعيشة الحديثة فيما يتعلق بشحوب لون جلودهن.
وقالت: "إن النساء الآسيويات يرغبن في أن يتمتعن بجلد جميل ويقلقون بسبب النمش وتغير لون الجلد الذي تحدثه الشمس أكثر من قلقهم من سرطان الجلد".
وتزعم الطبيبة لورين براملي الممارسة العامة في هونج كونج إن حوالي من 70 إلى 80 في المئة من مرضاها مستويات فيتامين د لديهم أقل من المعدل الصحي وهو حوالي 50 نانوجرام - ملليتر.
والحقيقة هي أن فيتامين (د) ليس فيتامينا ولكنه نوع من الهرمونات التي تلعب دورا هاما في ضبط نسبة الكالسيوم. ومعروف منذ زمن طويل أنه مفيد لصحة العظام وتقليل الإلتهابات ومنع أمراض الكساح عند الأطفال وهشاشة العظام في فترة متأخرة من العمر.
بيد أن بعض العلماء يزعمون حقيقة أن مستقبلات فيتامين (د) موجودة في الأعضاء الكبرى مثل المخ وجهاز التكاثر يشير إلى إن له وظيفة يلعبها في جميع أنحاء الجسم.
ومنذ بدء الزمن والإنسان يفهم أن معظم فيتامين د الذي يحصل عليه هو من الشمس .فمجرد فترة من 15 إلى 20 دقيقة في الشمس الساطعة ينتج من 10 آلاف إلى 20 ألف وحدة دولية من فيتامين (د) وهو أكبر من القدر الذي يمكن أن تحصل عليه من المكملات الغذائية الغنية بفيتامين د بخمسين مرة.
وبمجرد تكوين فيتامين (د) تحت الجلد يمر إلى الكبد والكليتين حيث ينشط. ثم ينتقل إلى الدم حيث يضبط مستويات الكالسيوم ثم إلى أنسجة الجسم وإلى الخلايا.
ويقول الدكتور جون كانيل من "مجلس فيتامين د" - وهو جماعة بحث لا تسعى للربح ومقرها الولايات المتحدة أن هذا الفيتامين يعمل بالفعل حيث يدير الجينات هنا وهناك بمعدل يصعب التحكم فيها .. الجينات التي إما تنتج البروتين الضصروري لمقاومة السرطان أو الجينات التي تنتج البروتين الذي يسبب الامراض مثل السرطان.
وأحد الحلول لمشكلة النقص هي مكملات فيتامين (د) الغذائية ولكن ما هو المقدار الذي نستطيع اوله بأمان بدون الإفراط في الجرعة والمخاطرة بتلف الكبد؟
وتوصي البروفسور كونج مثل المجلس الأميركي للغذاء والتغذية بجرعة يومية 200 وحدة دولية للأطفال والبالغين تزاد إلى 400 وحدة للذين يزيد عمرهم عن الخمسين و600 وحدة للذين فوق السبعين الذين يعانون من النقص.
وتنصح الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بأخذ 400 وحدة دولية للأطفال بينما توصي الجمعية الكندية للسرطان بألف وحدة دولية في الشتاء أو على مدار العام للذين يواجهون خطر السرطان.
بيد أن تلك المقادير تعتبر منخفضة عند المجلس الخاص بفيتامين د حيث يوصي بمستويات بين ألف وخمسة آلاف وحدة أو حتى أكثر.
تشارك الدكتورة براملي "مجلس فيتامين د" في الاعتقاد بوجوب الجرعات الكبيرة وتقول أنها رأت نتائج ملحوظة للمرضى من كبار السن بتناول جرعات من 2000 وحدة دولية يوميا.
وتضيف "إنه هورمون ولذلك فإنه جيد جيدا للذين لديهم مقاومة للانسولين وارى مرضى أقل يعانون من السعال والبرد"
ونفس النصيحة خرجت من مسح شمل 2750 دراسة نشرها في آيار (مايو) البروفيسور سيدريك جارلاند من جامعة كاليفورنيا الذي قال أن زيادة جرعات فيتامين د إلى 2000 وحدة دولية يوميا يمكن أن يقلل بنسبة الربع معدلات الاصابة بسرطان الثدي وبنسبة الثلث سرطان الامعاء.
غير أن مكملات فيتامين د ليست متوفرة في كثير من البلاد بما فيها هونج كونج مما يعني أن معظمنا يجب عليه أن يعتمد في زيادة معدلات فيبتامين د على نفس الطريقة التي اتبعها أجدادنا عن طريق التعرض بانتظام وعناية لضوء الشمس.
وتقول الدكتورة براملي " حقيقة إنه موضوع مثير للجدل حيث يوجد تعارض في النصيحة ولكن النصيحة هي أنك يجب الا تحصل على كثير من الشمس وابدا ببطء وتعلم أن تتعرض لفترة قصيرة أولا والجا إلى الظل وحتى 15 دقيقة من التعرض لضوء الشمس يمكن أن تحقق نتائج عظيمة".